في زيارة غير مسبوقة لوسائل الإعلام المصرية والعربية, زار أمس الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق ذ والذي يعد الأب الروحي لأنجح تجربة اقتصادية في دول العالم الثالث- مقر الأهرام للقاء عدد من كبار مفكري وكتاب وصحفيي المؤسسة
حيث دار نقاش حول التجربة الماليزية الفريدة وسبل إفادة مصر منها وهي علي أعتاب مفترق طرق سياسي واقتصادي. وقد رحب في بداية اللقاء كل من الأستاذين لبيب السباعي رئيس مجلس الإدارة وعبد العظيم حماد رئيس التحرير بالضيف الكبير, حيث أكدا علي أن الرجل يعد مصدر إلهام, ومثالا للإنجاز علي مستوي العالم, ناهيك عن أنه يحتل مكانة خاصة في قلوب كافة المصريين. في الوقت ذاته, أكد محمد قاسم عضو اتحاد الصناعات ومنسق زيارة الضيف الكبير لمصر حرص الاتحاد علي دعوة مهاتير لمصر في تلك اللحظات التاريخية بعد ثورة25 يناير لما يمكن أن يلهمه الضيف الكبير للشعب المصري, وهو أيضا, ما دفع الاتحاد إلي الحرص علي الجمع بين مهاتير وبين مفكري وكتاب وصحفيي صحيفة الأهرام العريقة التي يعود تاريخها إلي135 عاما لكي تكون بمثابة منصة إطلاق ونشر أفكار الضيف الكريم. وقبل أن يفتح المجال للأسئلة, أعرب مهاتير عن الشكر لإتاحة هذه الفرصة له, مشيرا إلي أنه بالرغم من عدم قدرته علي قراءة العربية, إلا إنه يعلم أن الأهرام هي العمدة في مجال الصحافة, وأنها تلقي تقديرا كبيرا من القراء. وهذا نص المقابلة...
د. عبد المنعم سعيد: مصر تقف الآن علي أعتاب مفرقين: الأول سياسي, والثاني اقتصادي. فسياسيا, نحن إزاء جدل دائر حول تفاصيل التحول الديمقراطي. أما اقتصاديا, فالجدل دائر بين العودة إلي سياسات الستينيات, وبين المضي قدما لاستكمال ما بدأناه من اقتصاد السوق والانفتاح علي الاستثمار الخارجي. نحن بحاجة لخبرتكم في هذا المجال..
د. مهاتير: بالرغم من اختلاف التجربة الماليزية عن مثيلتها المصرية, فإنه توجد أوجه للشبه, ولعله من المفيد إدراكها. ولعل أميز ما حدث في مصر مؤخرا هو الإطاحة بالنظام بفعل انتفاضة شعبية, وهو ما حدث في الفلبين ضد نظام ماركوس, إلا أنه في الحالة الفلبينية كانت توجد ملامح قيادة لهذه الانتفاضة, في حين أن المسألة بمصر جاءت عفوية. فقد تجمعت الجماهير لقلب النظام, ولكن المشكلة التي ستظهر بعد ذلك هي إقامة نظام آخر, حيث ستتصادم إرادات مختلفة, وذلك بعد أن تحقق الهدف المشترك الذي وحد هذه الجماهير. وحتي بعد إجراء انتخابات ديمقراطية, فإنه يبقي احتمال ألا تؤدي إلي توحد الجماهير, حيث إنه من الوارد ألا تحترم فئات نتائج هذه الانتخابات بسبب الخبرات السلبية في الماضي. ولذا فإنه علي الجميع أن يدركوا أنه في حال تبني الخيار الديمقراطي, فإنه يجب الاعتراف بالخسارة وعدم عرقلة الطرف الفائز في الانتخابات. وبناء علي ذلك, فإنني دائما أقول إن الديمقراطية ليست هي نظام الحكم الأسهل, ولكنها بالتأكيد هي نظام الحكم الأنسب, بشرط تسليم الجميع شعبا وقادة باحتمالات خسارة الانتخابات. وأعتقد أن المشكلة التي قد تواجهونها في مصر هي اعتراف الخاسر في الانتخابات بخسارته, ولذا فإنني أظن أن الأمر سيتطلب وقتا لكي يتعود المصريون علي تفاصيل الديمقراطية. أما اقتصاديا, فإنه من دون استقرار سياسي, لا يمكن تحقيق نمو اقتصادي. إن التظاهر لابد أن يكون الحل الأخير, ولكن أن تستمر المظاهرات طوال الوقت, فإن ذلك سيصد المستثمرين وستزداد البطالة.
يحيي غانم: لقد توليتم الحكم في ماليزيا في نفس الوقت الذي تولي مبارك مصر. وبالتسليم بأنه في حالة ماليزيا كان يوجد نقص في الديمقراطية, في حين أنه في الحالة المصرية كان هناك غياب لها, فإن السؤال يصبح: ماذا توافر لكم ونقص لدي مبارك لكي تحققوا ما حققتم؟ وما هو تشخيصكم للحالة المصرية, وبناء عليه ما هي الروشتة التي تقترحونها؟
د. مهاتير: أعقد أنني ومبارك كانت لدينا نفس الصلاحيات, ولكن في حالتي لم تكن دائمة. فقد أدرت الدولة وأنا دائما تحت تهديد أن أخسر الانتخابات التالية, وهو ما دفعني دائما للحرص علي استمرار دعم الشعب, وهو ما يدفع إلي الاستجابة إلي احتياجاته وتحقيقها. ففي حالة ماليزيا كانت توجد مشكلة بطالة, وهو ما دفعنا كي نخلق دائما فرص عمل من خلال تحقيق نمو اقتصادي, وهي الأشياء التي تدفع الناس لإعادة انتخابك. ولكن عندما يشعر المرء بأن الانتخابات لا قيمة لها, وبأنه باق في كل الأحوال, فإنه الدافع للحفاظ علي دعم الشعب ينتفي. ولعل الاستثناء الوحيد في هذا المجال هو النموذج الصيني.
د. جمال عبد الجواد: لقد شهدت مصر خلال الشهور الماضية معارضة شعبية لاقتصاد السوق وهو ما قد يضع قيودا علي أي حكومة قادمة في هذا المجال, فما هي رؤيتكم في هذا المجال؟
د. مهاتير: أعتقد بأنه في هذه المرحلة يجب أن تحدد سياساتك. ففي أعقاب استقلال ماليزيا, كانت الاشتراكية سائدة ورائجة, كما أن كثيرا من قادة الاستقلال ممن تتدربوا في الدول الاشتراكية كانوا يرغبون في اتباع سياسات اشتراكية ونمط ملكية الدولة, الا إننا رفضنا ذلك لحساب اقتصاد السوق. ولكن في الوقت ذاته, قررنا إنه إذا ما كانت الاشتراكية ستسهم في حل بعض مشكلاتنا, فإننا سنأخذ بها. وبناء علي ذلك فإن لدينا خليط من الشركات المملوكة للدولة وأخري خاصة, بما يخدم مصالحنا وكل ذلك يتم بتنسيق من الحكومة. مثال علي ذلك, احتفظنا بقطاع البترول مملوكا للدولة, في حين خصخصنا شركات أخري لخلق حوافز للإنتاج. محمد صابرين: هل تعتقدون بأن قصة نجاح ماليزيا تعود للرجل القوي لمهاتير أم للظروف التي مرت بها بلاده, وهل يعني هذا أننا في مصر في حاجة لرجل قوي مثلكم؟
د. مهاتير: دائما ما تكون هناك حاجة لحكومات قوية, التي تحتاج بدورها لقادة أقوياء, ولكن هؤلاء القادة الأقوياء يجب أن يتمتعوا برؤي وأفكار, وإلا لن يسهموا بحلول. أما بالنسبة لليابان, فإننا توصلنا في ماليزيا أن تجربتها كانت فريدة وهي التي أهلتها لأن تكون صاحبة الاقتصاد الثاني في العالم, بالرغم من الدمار الذي حل بها عقب الحرب العالمية الثانية, وهو ما دعنا للأخذ منها, ولكن بعد التعديل بما يناسبنا, بالإضافة إلي بعض الأفكار من الغرب. أما القائد, فإنه يكون قائدا طالما لديه حلول, والتي من دونها فإنه في الغالب سيسيء استخدام سلطاته.
ممدوح الولي: توجد أربع مخاوف رئيسية فيما يتعلق بالتجربة الماليزية: الأولي, وتتمثل في فشل الاقتصاد الماليزي في تحقيق نسبة النمو المستهدفة وهي7% علي مدار السنوات التسع الماضية, فيما عدا العام الماضي فقط. التخوف الثاني يتمثل في تحقيق الميزانية عجزا قدره5% مع توقعات باستمراره حتي عام.2016 التخوف الثالث ويتمثل في أنه علي مدار السنوات الثلاث الماضية, توجه الاستثمار الأجنبي المباشر إلي خارج ماليزيا, فعلي مدار تلك السنوات نجد أنه وصل إلي17 مليار دولار, في حين أن الخارج منها وصل إلي34 مليار دولار. التخوف الأخير يتمثل في التوسع في الدين الخارجي حتي وصل82 مليار. فما ردك علي ذلك؟
د. مهاتير: كل زعيم يريد أن يترك بصمته الخاصة بعيدا عن القادة السابقين. وبالتالي, فإن القادة الحاليين غيروا من السياسات, مما أتي بنتائج مختلفة. فعلي مدار السنوات الخمس الماضية لم يأت استثمار أجنبي لماليزيا بسبب الانطباع بأن هذه الحكومة ليست ودودة للاستثمار الاجنبي. ولكن رئيس الوزراء الحالي يحاول أن يغير هذه الصورة. ولكن يجب الوضع في الاعتبار إنه توجد منافسة قوية مع دول آسيوية أخري صاعدة مثل فيتنام والصين لديها إغراءات للاستثمار الأجنبي. وأعتقد بأنه حان الوقت لتغيرات في الاستراتيجية, وقد اقترحت ذلك حكومة بلادي بهدف تشجيع الاستثمار الماليزي المحلي الذي يتجه لدول أخري لغياب التشجيع المحلي.
د. محمد عبدالخالق: ولكن ما هي الآلية لإنتاج أكثر من مهاتير واحد؟
د. ماهتير: لقد طورا أساليب الاستنساخ, ولكنهم لم يستنسخوني بعد. ولكنني علي يقين من أنه يوجد من بين الماليزيين من يتفوقون علي مهاتير.
الاهرام
الإثنين يوليو 27, 2020 10:53 am من طرف الدكتور شديد
» شعيد وابن شهيد
الإثنين يوليو 27, 2020 10:18 am من طرف الدكتور شديد
» رباعيات في الخاطر
الإثنين يوليو 27, 2020 10:16 am من طرف الدكتور شديد
» احوالك يا بلد
الإثنين يوليو 27, 2020 10:15 am من طرف الدكتور شديد
» الله ما عارف
الإثنين يوليو 27, 2020 10:04 am من طرف الدكتور شديد
» امسك امسك
الإثنين يوليو 27, 2020 9:54 am من طرف الدكتور شديد
» ادينا ماشين
الإثنين يوليو 27, 2020 9:50 am من طرف الدكتور شديد
» اة منك يا دنيا
الإثنين يوليو 27, 2020 9:48 am من طرف الدكتور شديد
» ماتلومنيش يا صاحبي
الإثنين يوليو 27, 2020 9:38 am من طرف الدكتور شديد