حوار مع المجلس العسكري علي هامش الثورة
كتب:نــــبيـــــل عــــمــــــــر
لا الأسئلة عادية ولا الإجابات أيضا.. حوار مختلف, الكلمات منطلقة عليراحتها مثل صقر محلق في فضاء الوطن, الأسئلة حادة وقاطعة وتنبش عن بقع ضوء تنير الطريق إلي مستقبل مصر,
لا تعوقها عبارات قليلة قيلت بمهارة فائقة ويبحث أصحابها عن دور فيفترة الانتقال الحالية.. فحالة السيولة الآن تغريدوما بالقفز إليالسفن المبحرة إليالسلطة.. وعليالجانب الآخر الإجابات واضحة ومحددة وتلح باستمرارعليفكرة الاستقرار حتي يمكن أن ترسو سفينة الوطن عليشواطئ الحرية والديمقراطية والنظام الجديد بأمان, فالأنواء من اعتصامات واحتجاجات ومطالب فئوية لا تتوقف عن ضربها بقوة وتكاد توقفها عن الحركة فيعرض البحر, ناهيك عن شرطة خرجت من الميدان, ولم تعد بكامل قوتها وتنظيمها بعد, وأسلحة كثيرة وكثيفة مع هاربين من السجون وبلطجية وعصابات منظمة تهدد الأمنين..
كان اللقاء فيقاعة واسعة, ما يقرب من35 كاتبا وشاعرا وأديبا وصحفيا مرموقا مع بعض رجال المجلس الأعليللقوات المسلحة.
فيتمام الثانية عشرة ظهرا بالضبط, دخل القادة العسكريون الثلاثة إليالقاعة, تعلو وجوههم ابتسامة مصرية قح, حيوا الحضور بلطف..قبل أن يدخلوا فيالموضوع مباشرة..
والموضوع بالضبط هو مصر وما يحدث فيها وما سوف تمضيإليه..وقالوا؟؟..
1-من أول لحظة وقف الجيش مع الشعب, وقال بوضوح فييوم نزوله إليالشارع بعد الانهيار الأمنيأنه لن يطلق الرصاص مطلقا عليأبناء وطنه المتظاهرين بأيحال من الأحوال, وأعلن فيبيانه الأول, وقت أن كان الرئيس مبارك فيالسلطة, بالتحديد قبل11 يوما من تخليه عنها, أن الجيش يتبني مطالب الشعب الشرعية, وهيعبارة واضحة لا لبس فيها ولا غموض.. وهذا معناه أن الجيش كان يحميالشرعية الدستورية وليس النظام.. كان هذا هو موقف الجيش وقت الأحداث, فمن المستحيل أن يتغير أو يلتف عليالمطالب أو يعطلها أو يعرقلها أو يمضيبها فيمسار غير الذييريده الشعب أو أن يسمح لأي قويمضادة أن تجهض ثورة المصريين..فضباط القوات المسلحة كمواطنين لهم ابناء وأحفاد يريدون أن يتمتعوا بوطن حر وديمقراطي يسوده القانون والعدل.
2- رجال المجلس الأعليللقوات المسلحة لا يطمعون فيالسلطة ولا يسعون إليها, ويعملون عليأن تكون مصر دولة ديمقراطية, لها رئيس منتخب فيانتخابات حرة نزيهة, ثم يسلمون البلاد للسلطة المدنية فيأقل وقت ممكن..وهذا الوضع الحاليمفروض عليهم, وكان لابد للقوات المسلحة أن تؤدي دورها الوطني.
3- استعان قادة المجلس العسكريالحاكم بعدد من الكفاءات فيمختلف التخصصات والمجالات لحل مشكلات عديدة وقفت أمامهم, بالإضافة إلي شخصيات عامة لاغبار عليها, إليجانب خبراء دستوريين ورجال قانون لدراسة تعديلات مواد الدستور أو تغييره بالكامل, ووجدوا أن أي دستور جديد يحتاج ما بين9 أشهر وسنة عليالأقل, بينما التعديلات التي تسمح بانتخابات نزيهة للرئيس والبرلمان الجديدين, مع تعديل بعض القوانين مثل قانون مباشرة الحقوق السياسية قد تنتهي فيستة أشهر فقط, وهو ما فضله المجلس العسكريوشدد عليه المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس, حتييمكن تسليم السلطة فيالبلاد إليحكومة مدنية, تختار هي والشعب الطريق الدستوري الذي تمضي فيه الأمة.
4- تسلم المجلس العسكريالبلاد فيظروف صعبة ودقيقة جدا: انهيار أمني كامل, اعتصامات واحتجاجات وصلت عددها في يوم واحد إليإلي161 اعتصاما, فيالوزارات والمصانع والشركات العامة والبنوك والمؤسسات, وهو ما يهدد الدولة بالتوقف تماما, ويدفع الوطن نحو منزلق اقتصاديشديد الخطورة, هو بالضرورة سوف ينعكس عليحياة الناس, فالخسائر فادحة ومفزعة, بخلاف المشاحنات كل واحد عاوز يغير رئيسه, وهذا شيء غير معقول, ولا يعطيالفرصة لعجلة الحياة والاستقرار أن تدور بانتظام..ومن الصعب جدا أن يحل المجلس مشكلات وتراكمات30 سنة فيبضعة أيام.
انهيالقادة العسكريون كلماتهم بدقة ومن أقصر طريق, وفتحوا باب الحوار, فانهالت الأسئلة, والاقتراحات..الأسئلة صريحة جدا صادمة أحيانا, الاقتراحات فضفاضة كما لو أننا فيندوة أو مؤتمر عن مستقبل مصر السياسيونظامها الجديد المطلوب.. ونال الإعلام والصحافة العامة نصيبا وافرا من الهجمات المركزة والانتقادات العنيفة..
أسئلة كثيرة ومتنوعة غطت تقريبا كل مساحات الحيرة والغموض والقلق وبناء الثقة..
أولا: التناقض الذييبلبل الرأيالعام ويثير الشك فينفوسه أحيانا, فالثورة لم يكن هدفها هو إسقاط الرئيس حسنيمبارك, وإنما إسقاط النظام وتغييره, بينما الوجوه القديمة والسياسات القديمة عليحالها كما لو أن شئيا لم يحدث.. هل ما كنا عليه عدنا إليه؟
ثانيا: التعذيب الذييتعرض له البعض حتيالآن, حتيأن نائبا فيمجلس الدولة قرأ بيانا فيالميدان فتعرض لما لا يرضاه أحد, اختطاف..فمن الذييعذب؟.. وأين المفقودون؟
ثالثا: وجود الرئيس مبارك فيشرم الشيخ وما يقال عن ناس رايحة وجاية واتصالات..هل هذا له تأثير عليالقرار وعلي الحياة السياسية فيمصر؟
رابعا: البطء فيالتعامل مع مطالب الثورة.. نريد وزارة جديدة, فوزارة الفريق أحمد شفيق لا يعيبها فقط أن فيها وجوها غير مرغوب فيها, ولكنها أيضا حلفت اليمين أمام رئيس لم يعد موجودا وفقد شرعيته, وما جريمع السيد عمر سليمان يجريعليه وعلي وزارته.
خامسا: مازالت جريمة الأربعاء الأسود أو ماسماه الشعب معركة الجمل فيميدان التحرير معلقة فيالهواء, لم يعاقب مرتكبوها, وفيه أسماء شائعة ووقائع..لماذا هذا التباطؤ فيالتحقيق؟!..وماذا سنفعل فيمطاردة الفساد واسترداد أمولنا المنهوبة الهاربة في الخارج؟
سادسا: إطلاق الرصاص علي المتظاهرين وكل العنف الذي مورس ضد الثروة, من صاحب القرار؟!..ولماذا انهار الأمن واختفيمن الشوارع؟, من الذياقتحم السجون فيوقت واحد؟!.. وكيف هرب المساجين من حماس إليغزة ومن حزب الله إلي لبنان في ساعات؟!
سادسا: مصيبة الإعلام والصحافة العامة..وكيف تقود نفس الوجوه مرحلة الانتقال إليالحرية والديمقراطية وهيفقدت مصدقيتها؟..من سيصدق هؤلاء؟!
سابعا: المطالب الفئوية..لماذا لا يدور حوار مع أصحابها, وتصدر بيانات أو تصريحات تقول لهم خطة زمنية لإصلاح بعض الأحوال كالمرتبات وتحسين المعيشة؟
ثامنا: اللجنة الدستورية التيشكلها المجلس.. لماذا لم تضم كافة التيارات السياسية وغلب عليها التيار الديني؟!
تاسعا: أنتم حددتم فعلا ستة أشهر لتسليم السلطة..هل يمكن أن تمتد تحت ضغط المنافقين والانتهازيين الذين سيلعبون عليسحر السلطة وقدرتها عليالجذب والسيطرة..ولماذا لا تصدرون بيانا يوميا أو يخرج المتحدث الرسميللمجلس يوميا إلي الناس تقولون لهم ماذا تفعلون فتفهم الناس وتقدر الموقف والظروف؟!
عاشرا: علاقة الحزب الوطنيبالجهاز التنفيذيللدولة, فأغلب الوظائف القيادية والمناصب فيأيديرجال الحزب, قد يكون بعضهم كفئا, لكن الغالبية أختيرت لأنها كانت في حزب السلطة..فهل يمكن فك هذا الارتباط وإزالة الوجوه التنفيذية المكروه جدا فورا حتي يعود دولاب العمل إلي الدوران بشكل جيد؟
الحادي عشر: هذه فترة انتقالية يعدل فيها الدستور ثم تجريانتخابات رئاسية وبرلمانية, وبعدها يجري تغيير الدستور بالكامل فيعام أو أكثر, وهنا يجب إجراء انتخابات جديدة وفق الدستور الجديد, اي أن الرئيس القادم والبرلمان القادم سيكونان مؤقتين بالإكراه..فكيف نتعامل مع هذا الموقف الذي ليس في الحسبان؟!
لم تكن الأسئلة تتدفق وراء بعضها البعض, وفيالنهاية يجيب عليها القادة الثلاثة مجمعة, وإنما كانت سؤالا وجوابا بالتتابع..
ورد القادة وقالوا إن تغيير كل الوجوه مرة واحدة قد يسبب فوضي إدارية وتنظيمية فيالعمل, ونحن كعسكريين نعمل وفق معلومات وتقدير موقف ونضع مصلحة الوطن نصب أعيننا فيكل قرار نتخذه, ولو كان ذلك ممكنا لفعلناه, ونفس الحال في الوزارة, فالعمل فيمصر يتعطل تماما, لمجرد أن نعلن أن ثمة تعديلا وزاريا عليالطريق, ونحن فيظروف دقيقة للغاية, اعتصامات واحتجاجات وقطع سلاح مع مجرمين وبلطجية فيالشارع, وقد تسلمنا السلطة منذ ثمانية أيام فقط, عملنا فيها البيان الدستور وشكلنا لجنة تعديل الدستور, وحللنا مجلسي الشعب والشوري, ونعدل حاليا فيالوزارة, ونحاول إعادة الأمن إليالشارع, بالقطع لا نملك عصا سحريا نحل بها المشكلات, نريد فرصة هدوء كيتجري وتيرة الشغل, وما يقال عن أن الجيش يعذب مواطنا لا اساس له من الصحة عليالإطلاق, فالذين أمسكنا بهم ثلاثة أنواع: ناس أمسكت بها اللجان الشعبية وسلمتها لنا, ناس سلمتها لنا الشرطة, وناس قبضنا عليهم خلال الدوريات فيالشوارع وهم يحلمون أسلحة ويتجهون لارتكاب أعمال إجرامية, ونعاملهم معاملة حسنة جدا, ينامون فيعنابر الجنود ويأكلون من أكلهم.. أما المفقودون فقد بحثنا عنهم فيكل الأجهزة وعثرنا علي55 مفقودا, ولم يبق إلا23 مازال البحث جاريا عنهم.
وقالوا إن لا شرم الشيخ ولا غير شرم الشيخ لها أي تأثير عليعمل المجلس العسكري أو قراراته, الشعب فقط هو الذينعمل حسابه, ولا يمكن أن نخذل أبدا ثورته التيانحزنا إليها, والتحقيقات جارية فيأحداث العنف ولن يضيع دم الشهداء هدرا ولن يفلت ايمجرم من العقاب, كما نحقق فيالإنهيار الأمنيوهروب المساجين إليغزة ولبنان قضية كبيرة نعمل عليحلها.
وقالوا: يمكن أن تحدث تغييرات صحفية, الذينفيعدم حدوثها هو الفريق أحمد شفيق, لكن لوجدنا ضرورة لها سنغير فورا, ولا داعيللمخاوف من تشكيل لجنة تعديل الدستور, فعملها سوف يعرض عليالمجلس العسكري وتناقش التعديلات مع خبراء ومتخصصين كبار قبل أن تطرح للنقاش العام ثم يجريالاستفتاء عليها..ونقول لكم إننا محصنون ضد النفاق ولا مطامع لنا في السلطة, نريد فقط أن يفهم الشعب أن إصلاح الخلل فيالمرتبات وتعديل الأجور وسد الفجوة بين أصحاب الدخول فيالمؤسسات العامة وبقية العاملين تحتاج وقتا وميزانية, ولا نستطيع ان نعدل كل مرتبات العاملين فيالدولة أو البنوك أو الشركات في وقت واحد, وكيف أصلا تعدل ونحن نعتصم ونحتج ولا نعمل ونوقف الإنتاج.
أما الاقتراحات فقد اتسعت واختلفت وشملت أشياء كثيرة, لكنها اتفقت علي بناء دولة مدنية بعيدا عن الشعارات الدينية, تشارك فيها وتندمج كل التيارات والأحزاب والطوائف والرؤي فيعملية سياسية سليمة لبناء مصر المستقبل, وفيالوقت نفسه كيف نحافظ الآن عليالمؤسسات وإدارة الملكية العامة وإيقاف العمل بقانون الطوارئ, والالتزام بتغيير النظام وتوفير المعلومات الصحيحة والسريعة ودور النقابات المهنية فيالتعبير عن مطالب قطاعات عريضة من الشعب.
الإثنين يوليو 27, 2020 10:53 am من طرف الدكتور شديد
» شعيد وابن شهيد
الإثنين يوليو 27, 2020 10:18 am من طرف الدكتور شديد
» رباعيات في الخاطر
الإثنين يوليو 27, 2020 10:16 am من طرف الدكتور شديد
» احوالك يا بلد
الإثنين يوليو 27, 2020 10:15 am من طرف الدكتور شديد
» الله ما عارف
الإثنين يوليو 27, 2020 10:04 am من طرف الدكتور شديد
» امسك امسك
الإثنين يوليو 27, 2020 9:54 am من طرف الدكتور شديد
» ادينا ماشين
الإثنين يوليو 27, 2020 9:50 am من طرف الدكتور شديد
» اة منك يا دنيا
الإثنين يوليو 27, 2020 9:48 am من طرف الدكتور شديد
» ماتلومنيش يا صاحبي
الإثنين يوليو 27, 2020 9:38 am من طرف الدكتور شديد