من طرف الدكتور شديد الإثنين يناير 04, 2010 5:25 pm
إيران في قلب الدوامة
بقلم: محمد عباس ناجي
يكاد لايمر يوم في إيران إلا وتشهد فيه مظاهرات عارمة ينتهي معظمها, إن لم يكن مجملها, بمواجهات واشتباكات دامية بين السلطات والمتظاهرين. هذه الحالة من التوتر والاحتقان التي تسود إيران الآن تطرح مدلولين:
الأول: أن مايحدث داخل إيران ليس صراعا علي السلطة, بقدر ما هو صراع علي تحديد مستقبل نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية, الذي يتجاذبه تياران: أولهما يدعو الي التغيير والتطوير في بنية النظام لكي يتوافق مع ما تفرضه معطيات الداخل والخارج. وثانيهما, يري ضرورة التمسك بالثوابت التي قام عليها النظام منذ عام1979, ويعتبر أي دعوة للتغيير موحدة للقضاء علي النظام الذي أرسته الثورة.
من هنا يمكن تفسير لماذا تجاوزت الازمة السياسية الراهنة, التي لم تشهد إيران مثيلا لها منذ إندلاع المواجهات بين الثوار من رجال الدين وبعض القوي الليبرالية واليسارية الأخري عقب قيام الثورة مباشرة, والتي انتهت بسيطرة الأوائل علي مقاليد السلطة في إيران, مسألة التشكيك في شرعية فوز الرئيس أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية في الانتخابات التي أجريت في يونيو2009, الي التشكيك في شرعية المرشد الأعلي للجمهورية علي خامنئي نفسه, والدعوة الي فرض رقابة علي صلاحياته وسلطاته. وقد كان ظهور شعار مرك بر دكتاتور( الموت للدكتاتور) في المظاهرات مؤشرا علي أن المكانة المرموقة التي يحظي بها موقع المرشد الأعلي للجمهورية بدأت تتعرض للاهتزاز, وعلي أن الشرخ الذي أحدثته الازمة السياسية داخل بنية النظام السياسي لايمكن ترميمه بسهولة.
الثاني: أن الأزمة مرشحة لمزيد من التصعيد, فقد أثبت الإصلاحيون أنهم قادرون علي تعبئة جماهيرهم وأنصارهم للتنديد بإجراءات النظام رغم كل الممارسات القمعية التي تعرضوا لها. كما أدرك النظام أن تعاطيه مع الازمة وتداعياته لم يكن كافيا لإنهائها, ومن ثم التفرغ للاستحقاقات الخطيرة التي تواجهها ايران لاسيما صراعها مع الغرب حول ملفها النووي. ومن هنا يبدو من المرجح أن يتجه النظام الي تشديد قبضته الأمنية وتصعيد سياسته القمعية بحق المعارضة لإجبارها علي وقف تمردها ضده.
هذه الحقيقة بالتحديد بدت جلية في مناسبتين:
الأولي: وفاة المرجع الديني البارز آية الله حسين علي منتظري في العشرين من ديسمبر الماضي, والذي أعتبر بمثابة المرشد الروحي للمعارضة الإصلاحية, نتيجة إنتقاداته المتكررة لموقف القيادة العليا في الدولة من الازمة السياسية الحادة التي شهدتها إيران منذ الإعلان عن نتائج الإنتخابات الرئاسية, ودعمه للخطوات التي اتخذتها المعارضة للتنديد بفوز الرئيس أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية.
والثانية: الإحتفال بذكري عاشوراء في السابع والعشرين من ديسمبر الماضي التي وافقت حلول اليوم السابع لوفاة منتظري. فقد تحولت المناسبتان الي ساحة مواجهة واختبار قوة بين النظام والمعارضة الإصلاحية, أسفرت في النهاية عن مقتل15 شخصا من المحسوبين علي المعارضة.
حالة التصعيد الأمني تنبئ بأن إيران مقبلة علي ماهو أسوأ, بسبب عدم وجود مؤشرات لتقليص حدة الازمة, فالمعارضة مصرة علي رفض نتائج الإنتخابات والتنديد بدعم المرشد الأعلي للجمهورية للرئيس أحمدي نجاد. والنظام متمسك بموقفه القائم علي تأكيد انتهاء أزمة الانتخابات وتكريس فوز أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية, لكن الأهم من ذلك هو شعوره بالاستهداف من الخارج, بما يدفعه دوما الي التشدد في مواجهة المعارضة وربط تمردها بوجود مؤامرة خارجية للإطاحة به, رغم إدراكه أن معظم قادتها هم من المحسوبين عليه, وكانوا في يوم من الايام أهم رموزه.
لكن رغم أن المعارضة الإصلاحية نجحت الي حد ما في اختبار التحدي مع النظام, إلا أنها فقدت أحد أهم عوامل قوتها, نتيجة الفراغ المتوقع لمرجعيتها الدينية, التي مثلها منتظري, وكانت ظهيرا قويا لها في مواجهتها للنظام, لاسيما في ظل عدم توافر بديل قادر علي ملء الفراغ, رغم وجود نخبة يعتد بها من آيات الله تقف الي جانب الإصلاحيين, ورغم وجود حالة من التوتر تطغي علي العلاقات بين حكومة أحمدي نجاد وطبقة رجال الدين, بسبب بعض السياسات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة, فضلا عن اتهام الرئيس أحمدي نجاد لبعضهم بالفساد والتربح من المال العام.
أهمية المرجعية الدينية بالنسبة للمعارضة تبدو جلية في ضوء حقيقة أن الازمة السياسية الإيرانية انتقلت من التشكيك في شرعية الرئيس الي التشكيك في كفاءة ومؤهلات المرشد الأعلي نفسه, بما يعني فتح الباب علي مصراعيه أمام صراع من نوع جديد علي إطلاق أو تقييد صلاحيات الولي الفقيه.
00000000000000000000000
الإثنين يوليو 27, 2020 10:53 am من طرف الدكتور شديد
» شعيد وابن شهيد
الإثنين يوليو 27, 2020 10:18 am من طرف الدكتور شديد
» رباعيات في الخاطر
الإثنين يوليو 27, 2020 10:16 am من طرف الدكتور شديد
» احوالك يا بلد
الإثنين يوليو 27, 2020 10:15 am من طرف الدكتور شديد
» الله ما عارف
الإثنين يوليو 27, 2020 10:04 am من طرف الدكتور شديد
» امسك امسك
الإثنين يوليو 27, 2020 9:54 am من طرف الدكتور شديد
» ادينا ماشين
الإثنين يوليو 27, 2020 9:50 am من طرف الدكتور شديد
» اة منك يا دنيا
الإثنين يوليو 27, 2020 9:48 am من طرف الدكتور شديد
» ماتلومنيش يا صاحبي
الإثنين يوليو 27, 2020 9:38 am من طرف الدكتور شديد